تقول Netflix عن ثقافتها: "نحن فريق، ولسنا عائلة". ولعلّ هذا يفسّر في جزء منه قلق المهتمين بشؤون الثقافة والقيم من أن "فريق" نتفلكس ضحّى كثيرا بقيم "العائلة" الإنسانيّة ضمن حسابات خاطئة، هذه الحسابات وغيرها جعلت الشركة تخسر أكثر من 200.000 مشترك في الربع الأول من العام 2022، وتشير التوقّعات إلى أن الشركة ربما تخسر 2 مليون مشترك إضافي في الربع الثاني، وعلى سبيل المثال فقد ألغت 1.5 مليون عائلة في المملكة المتحدة اشتراكاتهم في الشهور الثلاثة الأولى للعام 2022.

أما سوق الأسهم فقد سجّل تراجعا في قيمة الشركة بنسبة 35 ٪ في 20 أبريل 2022، وهو أكبر انخفاض لها في يوم واحد منذ العام 2004 (انخفضت أسهم Netflix بنسبة 70 ٪ خلال أشهر قليلة ماضية).

وتقول الشركة إنها ستختبر طرقًا جديدة لتشجيع الناس على الدفع مقابل مشاركة كلمات المرور، وتقديم عروض وأفلام وألعاب أفضل وربما إصدار اشتراك منخفض التكلفة مدعومًا بالإعلانات. والعجيب أن معظم تحليلات المصادر الغربيّة الرصينة تُرجع هذا الانتكاس في أعداد مشتركي خدمات نتفلكس إلى شراسة المنافسة، ونمطيّة العرض، أو حتى الأزمة الأوكرانيّة وانسحابها من السوق الروسي. وهذه أسباب مهمّة لا شك ولكن قليلة هي المصادر التي تتحدّث عن أثر المحتوى والجانب (غير) الأخلاقي الذي تحاول الشبكة فرضه على ذائقة العالم.

يقول ناقدوها: إنه منذ ما يزيد قليلاً على 20 عامًا انتقلت Netflix من كونها شركة تأجير أفلام على أسطوانات DVD إلى قوة عظمى في صناعة الترفيه مع ما يقدر بـ220 مليون مشترك في جميع أنحاء العالم، ولكن الشبكة - لسوء حظها - أعمتها هذه السنوات من النمو الهائل فلم تعد تفكر كثيرًا في جماهير (العائلة) التي كانت العمود الفقري للشركة ووفّرت لها أساسًا قويًا للنمو والاستقرار وجذب المستثمرين الكبار.

إن الإصرار المتعمد على حشر قضايا "المثليّة الجنسيّة" والعبور الجنسي وجعل المخدرات والمشروبات الكحوليّة تظهر بطرق جذّابة أمام ملايين المشاهدين في "صالون العائلة" هي قضايا لم تحسب الشركة حسابها كما ينبغي.

وفي دراسة عربيّة عن محتوى "نتفلكس" نشرتها المجلة العربيّة لبحوث الاتصال (عدد أكتوبر / ديسمبر - 2020) تكشف الباحثة "داليا عثمان" أن أكثر المسلسلات المقدمة عبر "نتفليكس" تقدم المحتوى الجنسي بشكل لا يتناسب مع التصنيف العمري، بل وتقدّم المشاهد الجنسيّة "الشاذة" بشكل مكثّف كأن يقدِّم المسلسل البطل في مواقف إنسانيّة عديدة وبطولات متتالية ثم نكتشف أنه شاذ جنسياً، ليكون التصرف التلقائي هو التعاطف مع ما يمثّله وتقبله وتقبل أفكاره.

  • مسارات.. قال ومضى:

"عجبت لزمن يكون فيه لرداءة الأخلاق سوق وثمن".