أصبحت الرياضة حاضراً صناعة وثقافة يشار إليها بالبنان، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي، وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها ويتابعون تفاصيلها، تكشف البطولات الكبرى لكرة القدم عن التفاتة رجال السياسة والثقافة والأدب ورجال الاقتصاد والطب كذلك، إلى ذلك المعشب الأخضر الجذاب، فيتحول رجال الصف الأول في البلدان مع المثقفين في لحظات إلى مشجعين من الدرجة الأولى في مدرجات الملاعب أو مهتمين خلف الشاشات الفضية، يحضر الكثير من الساسة والمثقفين إلى مدرجات الملاعب خلف منتخبات الوطن.

الرياضة تساهم ببناء شخصية المعوق واستقلاليته

«دنيا الرياضة» تكشف الوجه الكروي لغير الرياضيين، عبر زاوية «الخط الأبيض» التي تبحث عن رؤيتهم للرياضة، وتبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم، وضيفنا اليوم هو سعادة البرفسور بندر ناصر العتيبي، أستاذ التربية الخاصة، ورئيس مجلس إدارة جمعية العلوم السلوكية.. فإلى الحوار. * بدايةً هل وجدت صعوبة في تخصصك العلمي؟

  • في البداية شكرا على استضافتي وأتمنى لكم التوفيق. بالنسبة لصعوبة التخصص فأعتقد أن ارتباط التخصص بالرغبة والاهتمام تجعل الأمور أكثر سهولة، لذلك كان المجال جديد والاهتمام المجتمعي بالمعوقين في بداياته مما جعل الرغبة أكبر في خوض هذه التجربة.

  • كيف رأيت العمل الذي يقدمه الممارس للتربية الخاصة ومهارات القراءة، وتحديداً في تخصصك؟

  • مع أن العمل الميداني مع ذوي الإعاقة يحمل في طياته الكثير من الجهد، إلا أن الممارس عندما تكون لديه النزعة الإنسانية يصبح عمله أكثر متعة. عملت معهم في الميدان سواء كان في المملكة أو خارجها ووجدت أن ما تحققه من إنجاز ينعكس على شخصيتك. إكسابهم المهارات بشكل عام ومهارات القراءة بشكل خاص يساعدهم في الاستقلالية والاعتماد على النفس وتقليل اعتمادهم على الآخرين.

  • برأيك ما سبب عدم وجود تعاون بين الجامعات والأندية لاستغلال فترة الصيف لطلاب الدراسات لإقامة ندوات ومكتبات تهتم بالبحث العلمي؟

  • سوال مهم جدا ولعل هذا يعود لأسباب منها عدم تفعيل الأندية لدورها المجتمعي وعدم نزول كثير من الجامعات للميدان، ارتباط شباب الجامعات بالأندية والاستفادة من البنى التحتية للأندية والأنشطة يساهم في خلق مجتمعي صحي خاصة أننا نعرف جميعا أن الرياضة هي النشاط الأول لكل الشباب.

أنا شبابي قديم وأرحـب بجميــع الرياضيين في منزلي

  • هل تأمل في مبادرة تعاون مشتركة لإقامة ندوات بحثية في مسارح الأندية؟

  • أتمنى فعلا أن تكون هناك شراكات مستمرة ودائمة بين الجامعات والأندية بحيث يتم الاستفادة من مسارح الأندية والملاعب لإقامة أنشطة لاحتواء طاقات الشباب وتوجيهها في الاتجاه الصحيح، الجامعات والأندية غالبا ما تستهدف نفس الفئة وهم الشباب، وقضايا الشباب هي نفسها في كل مجتمع، لذلك لا بد أن يكون التعاون أكبر بين الطرفين.

الهلال صعب المراس ورقم صعب وخير دليل وصافة أندية العالم

الرياضة يجب أن تكون أسلوب حياة وجزءاً من سلوكياتنا اليومية

  • التعصب في التشجيع هل يمكن أن نسميه تطرفاً فكرياً رياضياً؟ ولماذا؟

  • التعصب في كل مجال مقيت ومرفوض لأن نتاجه احتقان وتطرف قد ينعكس على تصرفات الفرد. ولعل أسهل مجال للتعصب هو التعصب الرياضي، لأن الرياضة وبالذات كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في المملكة ودول العالم.

لذلك من المهم معالجة التعصب الرياضي وأسبابه قبل أن يتحول لأداة هدم مجتمعي. الجامعات عليها دور كبير في توعية وتثقيف المجتمع وبالذات الشباب، الإشكالية أن التعصب ليس محدودا بفئة مجتمعية واحدة، بل تعاني منه جميع الفئات كبارا وصغارا، لذلك تزداد خطورته على المجتمع.

  • هل ترى أن التعصب الرياضي وصل مداه وبات الحوار المتزن غائباً، أم نعيش عكس ذلك حالياً؟

  • مع الأسف أن هناك الكثير من أشكال التعصب الرياضي الظاهرة بقوة خلال الفترة الحالية. نحتاج فعلا لدراسة هذه الظاهرة علميا وإقامة الدراسات والندوات، وهذه فرصة أن تقوم الجامعات والمتخصصون ذوو العلاقة بدراسة الظاهرة وتقديم الحلول لها، وقد يكون ذلك أيضا بمشاركة وزارة الرياضة، أتمنى فعلا أن تكون هناك فرص لدراسة السلوك الرياضي وسلوك المشجع بشكل خاص ومدى تأثيره المجتمعي.

  • هل ترى أن ثمة علاقة تجمع الرياضة بالتربية الخاصة حالياً؟

  • الرياضة مهمة لكل أطياف المجتمع ومنهم ذوو الإعاقة، لذلك هناك الألعاب البارالمبية وهي ثاني أكبر حدث دولي متعدد الرياضات، يشارك فيه رياضيون بدرجات إعاقة متفاوتة. كما أن لدينا اللجنة البارالمبية السعودية والتى لها إنجازات كبيرة في مجال رياضة ذوي الإعاقة، الرياضة بمختلف أنواعها تساهم في بناء شخصية المعاق وكذلك استقلاليته، وهناك العديد من الدراسات التى تؤكد التأثير الايجابي للرياضة في حياة ذوي الإعاقة، لكن بشكل عام، أتمنى أن تنتشر رياضة ذوي الإعاقة بشكل أكبر على المستوى المحلي.

  • وهل ترى أن الرياضة ثقافة، وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟

  • الرياضة يجب أن تكون أسلوب حياة، بحيث تكون جزءا من السلوك اليومي للإنسان، ممارسة الرياضة لا تنعكس فقط على الشخص بل تمتد للصحة العامة للمجتمع، عندما يصبح المجتمع ممارسا للرياضة سوف تقل الكثير من الأمراض وبالذات السمنة وأمراض القلب والشرايين، مع الأسف الكثير يتقاعس عن ممارسة الرياضة لأسباب واهية يكتشفها بعد حين.

الصفراء لكل متعصب قاطع للرحم.. والحمراء لا أتمنى ظهورها

  • الشهرة عالم، كيف يمكن أن تكون شهرة لاعبي الكرة طريقاً لتكريس السلوك الحضاري في حياة النشء؟

  • أكثر المشهورين هم الرياضيون ولهم تأثير كبير على النشء. في أمريكا يتم الاستفادة من شهرة الرياضيين لتوعية النشء وتثقيفه، ما نراه هنا لا يتعدى الاجتهادات سواء من الجهات أو الرياضيين أنفسهم، لذلك من الجيد استغلال هذه الشهرة في تعزيز السلوك المجتمعي وتغيير بعض السلوكيات السلبية.

  • في الرياضة يحصد الفائزون والمتألقون الكؤوس، فما الذي يقلل ذلك لدى المبدعين في المجالات الأخرى لغوياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً؟

  • أعتقد أنه يجب على الآخرين تقبل الوضع السائد، أكثر المشهورين هم اللاعبون والفنانون ممن يقدمون «ترفيها مجتمعيا». الإعلام يُسلط الضوء على الترفيه وليس على الأعمال الجادة أو المبدعين والعلماء، لكن هذا لا يعنى حرمان من أسهموا فعلا في رفع اسم المملكة علميا وثقافيا من التقدير والتكريم المجتمعي.

  • كيف صارت لغة المال والاحتراف طاغية على الإبداع والإخلاص عند اللاعبين السعوديين؟

  • هي لغة عالمية ولا يجب حصرها في اللاعب السعودي، اللاعب عمره الافتراضي في الملاعب ليس طويلا ومن المنطقي أن يعمل على تأمين مستقبله وأسرته.

  • بين رواتب اللاعبين ورواتب الأكاديميين، من يغلب من؟

  • هناك فارق شاسع لصالح اللاعبين وهذا معروف على المستوى الدولي، لا زلت مؤمنا أن التعليم هو سلاح تقدم المجتمع. تأثير اللاعب على النشء محدود لكن تأثير التعليم مستمر ودائم. لذلك المعلم أو الأكاديمي عندما لا يشعر بأنه مُقدر علميا وماليا فإن المخرجات لن تكون إيجابية.

  • بعد إقرار وفاعلية الرياضة النسائية، ماذا ينقصها لتكون أكثر تألقاً؟

  • الإقرار هو اعتراف بحقهم في ممارسة الرياضة والفاعلية هي نتاج تراكم الخبرات. لذلك المنطق يقول إن اكتساب الخبرة هي المطلوبه الآن لأننا لا زلنا في البدايات.

  • بين القمر والشمس.. هل ثمة مكان لميولك؟

  • بل في الرياض يستقر ميولي ولا حاجة لهذه المسافة البعيدة.

  • لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟

  • أسعد بالكل، فأنا بالرغم من ميولي إلا أنني غير متعصب وتواصلي مستمر مع الرياضيين من أطياف متعددة.

  • «العقل السليم في الجسم السليم» عبارة نشأنا عليها رغم خطئها، فكم من شخصية عبقرية لا تمتلك جسداً سليماً، باختصار نريد منك عبارة رياضية بديلة لجيل المستقبل؟

  • «الرياضة حياة» هي جملة مختصرة تعكس مفهومي الحقيقي للرياضة.

  • ما المساحة الحقيقية للرياضة في حياتك؟

  • كبيرة جدا المساحة للرياضة. فأنا عاشق للكرة ومتابع جيد لكرة القدم السعودية والعالمية.

  • متى كانت آخر زيارة لك للملاعب السعودية؟

  • أحاول الالتزام لحضور مباريات فريقي في الرياض وأحرص على ذلك.

  • أي الألوان تراه يشكل الغالبية السائدة في منزلك؟

  • جميع الألوان لكن السائد محليا الأبيض والأسود.

  • ما فريقك المفضل؟

  • مشجع قديم للشباب وأحمل انتماء عاطفيا قويا له.

  • هل ميولك رياضياً أثّر على باقي أفراد أسرتك؟

  • لعل من حسن الحظ أن نشأة أبنائي كانت مع انتصارات الشباب المستمرة فاكتسبوا تشجيع الشباب بدون ضغوط مني.

  • تحقيق الهلال لوصافة العالم وتقديم مستوى لافت أمام أقوى فرق العالم ريال مدريد كيف رايته وتأثيره على رياضتنا؟

  • الهلال فريق كبير جدا وصعب المراس ويمتلك خبرة دولية تجعله رقما صعبا دائما. المساحة الإعلامية الرياضية التى اكتسبها الهلال انعكست على المجتمع الرياضي السعودي وقدمت دعاية مجانية حول العالم للرياضة السعودية، نحن الآن في مرحلة مهمة رياضيا. فالدولة تقدم دعمًا هائلا للرياضة ويجب على الرياضيين الاستفادة وتقديم صورة مشرفة للرياضة السعودية بشكل خاص وللمملكة بشكل عام.

  • البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟

  • لا أحبذها ولا أتمنى ظهورها.

  • ولمن توجه البطاقة الصفراء؟

  • للمتعصبين وأقول ترى ما تسوى السالفة قطع الأرحام أو حرق الأعصاب. هي كلها ترفيه مجتمعي دعونا نستفيد منه محليا وعالميا بعيدا عن التشنج.

  • المساحة لك لتوجه روشتة للاعبين كافة وكذلك للرياضيين؟

  • أنتم تقدمون نموذجا للشباب وتعكسون صورة المجتمع السعودي داخليا وخارجيا، أتمنى أن تضعوا في أذهانكم أن تصرفاتكم ستنطبع في ذهن الآخرين، كونوا قدوة صالحة للآخرين.

أعضاء جمعية «سلوك» مع أمير الرياض
الضيف خلال ندوة علمية
د. بندر العتيبي حصل على جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة
الضيف في مناقشة علمية
الشباب
فرحة خضراء