يعتبر شهر رمضان من أكبر المواسم الروحانية؛ والأكثر تأثيرا على المستوى الديني محيط الشعوب الإسلامية؛ كونه يجسد أحد أركان الإسلام الخمس، يكرّس التراحم، حاملاً رسالة التآخي والتسامي والتسامح والاعتدال بين الشعوب، ولهذا أنهت منظومة القطاعات الرسمة المعنية بإدارة العمل التشغيلي الأمني والخدمي والتنظيمي استعداداتها لإدارة أكبر موسم رمضاني، بعد عودة الوضع لسابق عهده قبل جائحة "كورونا" واستقبال القاصدين ورفع الاستيعاب إلى الحد الأقصى في الحرمين الشريفين، إذ جاء توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في مجلس الوزراء للجهات المعنية بخدمة قاصدي الحرمين الشريفين بمواصلة العمل بأعلى كفاءة وأميز عطاء، وبذل كل ما من شأنه التيسير على ضيوف الرحمن والسهر على راحتهم؛ ليؤدوا مناسكهم وعباداتهم بطمأنينة وسكينة ليجسد مدى اهتمام القيادة بخدمة القاصدين.
رسالة المملكة
يختلف موسم رمضان الحالي عن الأعوام الأخرى كونه يُنظّم بطاقة تعد شبه كاملة بعد توقف لمدة سنتين بسبب جائحة كورونا، وتعتبر القيادة السعودية أن خدمة القاصدين شرف يساهم في إيصال رسالة المملكة السامية لبقاع الأرض، وتعظيم الصورة الذهنية للشهر الكريم كحدث إسلامي عالمي سنوي، وتجسيده كمسيرة إيمانية نورانية بإرث حضاري وإنساني كوني، وتكريس قيم التسامح والوسطية والاعتدال، فضلا عن إضفاء الجانب الإنساني على كل مناشط ومبادرات المنظومة، وتعظيم الأثر لإبراز شعار (الجودة والريادة في حسن الهداية وتميز الرفادة وكرم الوفادة) بقصص نجاح مؤنسنة توحيد جهود كافة أعضاء المنظومة كاملة؛ لتحقيق مخرجات جماعية تبرز سماحة الدين الإسلامي.
تكامل الجهات
وفي جولة رصدتها "الرياض" للاستعدادات؛ ظهر التكامل في فضاءات فرق الجهات الخدمية الأمنية والصحية والتوجيهية والتعليمية، ولا صوت يعلو في الحرم المكي والمسجد النبوي على تلاوات المصلين ودعاء المبتهلين والتهاني والتبريكات بالشهر الكريم.
في المقابل بدأت المنظومة الأمنية في تطبيق خطتها الرمضانية التي أعلن عنها مدير الأمن العام الفريق محمد بن عبد الله البسامي، والمتضمنة محاور الجانب الأمني، وإدارة وتنظيم الحشود، وإدارة الحركة المرورية، وتقديم الخدمات الإنسانية، ودعم وتمكين الجهات المشاركة في تنفيذ الخطة، وتوزيع القوى البشرية عليها، مع مراعاة الكثافات المتوقعة على محطات النقل العام في مداخل مكة، ومحيط الدائري الثالث، وبجانب الحرم المكي الشريف؛ لدورها في توزيع الكثافات على جهات الحرم كافة، وتمت إعادة تنظيم مسارات المداخل والمخارج، بما يحقق سلامة الحشود أثناء الدخول والخروج، مشددًا على أهمية الالتزام بلبس الكمامة، وحفاظاً على صحتهم وتوافقاً مع التعليمات الخاصة بالإجراءات الوقائية والتنظيمات الصحية.
إلى جانب تخصيص صحن المطاف والدور الأرضي وباب الملك فهد وباب العمرة وباب الملك عبد العزيز وباب السلام ومدخل المروة للمعتمرين، وسيكون مصلى الركعتين خلف المقام، وإذا كانت هناك كثافات عالية سيتم توجيه الحشود إلى الدور الأرضي بين المروة وباب الملك عبد الله، وسيكون الدور الأول والتوسعة السعودية الثالثة والساحات الخارجية مخصصة للمصلين.
موسم استثنائي
وكان لزامًا على رئاسة الحرمين إعداد أكبر خطة تشغيلية في تاريخها لموسم شهر رمضان الحالي، كون المسلمون في أرجاء المعمورة في غاية الاشتياق لاستقبال الشهر الكريم بعد العودة للحياة الطبيعية، ولذلك كان العمل في رئاسة الحرمين قائماً والحراك دائماً، شرف الخدمة شعار الجميع، من ساحات المسجد الحرام تبدأ مهمة العاملين وتعود إلى ذات المكان عقب إتمام النُسك بيسر وسهولة.
ولأنه موسم استثنائي تخففت فيه الاحترازات وعادت الخدمات إلى طبيعتها أطلقت الرئاسة أكبر خطة تشغيلية لموسم رمضان المبارك، وهي نتاج عامين من العمل المستمر والتطوير المدروس، مراعية فيها الشمول والتكامل دون إغفال أي جانب، ومتسلحة بالخبرة التراكمية في مواكبة المتغيرات والتعامل مع الطوارئ والأزمات، تنوع ثقافي ومعرفي، وإشراك مجتمعي في نيل شرف خدمة القاصدين، وإثراء للتجربة ليبقى أثرها وخطة متكاملة مراعية لسلامة القاصدين، وتخصيص فرق ميدانية لمراقبة الأعمال الوقائية على مدار الساعة؛ ومتابعة لسير الأعمال الإدارية والميدانية؛ كونها حلقة مترابطة لا يقوم أي منهما دون الآخر.
وتساهم البرامج التوجيهية والإرشادية عبر مختلف القنوات الاتصالية في تعزيز الوعي الديني وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى قاصدي الحرمين. وأضحى استخدام التقنية في الحرمين اليوم أنموذجاً في التطلع نحو مستقبل مشرق خدميًا وعمليًا، حيث تعمل الرئاسة على برامج ابتكارية تدرس استثمار التقانة، والتحدي الكبير نحو استدامة التميز في الخدمة المقدمة، والطموح يدفعنا جميعًا لبذل المزيد من العمل مصحوبًا بالتخطيط الجيد والإدراك لعظم العمل القائم.
توجيه خادم الحرمين
وأكد الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبد الرحمن السديس على أنّ توجيه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- في جلسة مجلس الوزراء بمواصلة خدمة قاصدي الحرمين الشريفين بأعلى كفاءة وأميز عطاء، وبذل كل ما من شأنه التيسير على ضيوف الرحمن والسهر على راحتهم؛ ليؤدوا مناسكهم وعباداتهم بطمأنينة وسكينة، غير مستغرب من لدنه -حفظه الله-، ونحن على مقربة من شهر رمضان المبارك.
وقال إنّ الرئاسة حرصت منذ وقت مبكر على جاهزية المسجد الحرام والمسجد النبوي لاستقبال الأعداد المليونية في شهر رمضان وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، وتخصيص كوادر بشرية يعملون على تنظيم وإدارة الحشود على مدار الساعة، ووضع خدمة الضيف كهدف استراتيجي وفق خطة موسم شهر رمضان التشغيلية، التي تعد الأكبر من نوعها في تاريخ الرئاسة بأعلى كفاءة معيارية وتميز تشغيلي وتجويد للمعتمرين خلال شهر رمضان المبارك. من خلف كواليس الحرم المكي ثمة قيادات تواصل الليل بالنهار توجههم غرفة عمليات متخصصة تدير خدمات بيت الله الحرام بخبرة عميقة، فهناك استراتيجية متكاملة تنتهجها المملكة لخدمة قاصدي الحرمين الشريفين خلال رمضان 2023، لتيسر عليهم أداء العبادات ومناسك العمرة، والتي تأتي تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، بالارتقاء بمنظومة خدمات قاصدي الحرمين الشريفين.



التعليقات