«استهلال.. أو ربما موّال:
اتخذت العلا دارًا .. وعدتُ لأوّل
(ألا أيُّها الليلُ الطويلُ ألا انجلي)
(قفا نبك.. ) يا جدي وقفنا على غدٍ
وجئنا العلا.. بين القنوطِ وحوقلِ
ركبنا.. رياحَ المجدِ عزمًا ورؤيةً
وصرنا إلى «ذكرى حبيبٍ ومنزل»
علوتُ لأسألَ سرَّ الخلودِ
فقالت تواريخُه من علا
بيوتًا من الريحِ منحوتةً
وصرحًا تخلَّد حين اعتلى
بفتنةِ رملٍ كأنَّ السحابَ
أقامَ بها ليلةً وانجلى
يُقالُ بأنَّ الكواكبَ جاءتْ
إلينا.. لتتركَ فينا العُلا
هنا للعُلا كلُّ ما لم يكن
هنا.. من هنا معجزاتُ السُّنَن
تمرُّ الأساطيرُ من بابِها
وتبقى نفائسَ كلِّ الزمن
ترحَّلَ أنباطُها بالفنونِ
أقاموا بها كوكبًا للسَّكَن
فتسري الرياحُ بأنفاسِها
حضارةَ أرضٍ وسيرةَ فنْ
تقيمُ على الرملِ.. تلاًّ وطودْ
وترفعُ أعمدةً من خلودْ
هنا ملكٌ.. ظلُّه في التلالِ
هنا جبلٌ مخبأٌ للجنود
هنا كنتَ قبل ابتداءِ الكلامِ
حضارةَ عادٍ.. وذكرى ثمودْ
أساطيرُهم قصةٌ في كتابٍ
وأنتَ روايتُها للوجودْ
تركناك عمرًا..بإهمالِنا
ونحياك عهدًا .. بعمرِ السنا
سندخل بابَ الجبالِ احتفالًا
ونترك للجهدِ .. آمالَنا
فأنت صمود التواريخ حتى
تجلَّى لك الضوءُ منّا لنَا
فرؤيتنا فتنةٌ من خيالٍ
تحقَّقُ فيكَ لأجيالِنا
هنا ناقة عُقِرتْ .. بالظنونْ
هنا صيحةٌ من غبارِ المنون
هنا حكمةُ الله في خلقِه
شواهدَ مرَّت عليها السنونْ
غُفِرتَ مكانًا .. بلا رجفةٍ
وطبتَ مَقامًا.. إذا يؤمنون
نؤدي ببابك فرضَ الصلاةِ
فيدعو لنا.. أهلك الجاثمونْ!!
تنبَّطتَ دهرًا بعمرِ المَعَادْ
وعشتَ بلادَ ثمودٍ وعادْ
وهزَّت بيوتَك صيحةُ ليلٍ
ورجفةُ ريحٍ .. تثيرُ الرمادْ
لنا الآن أن نستحثَّ الخيالَ
نعيدك عُمْرَ الرؤى لامتداد
فتمتدّ رؤيتُنا.. همَّةً
فما آنَ يُبْنى وما كانَ عادْ
على الدربِ حارثةٌ..والجموعْ
حكايات ريحٍ .. ورؤيا ربوعْ
فهذا يبيعُ حليَّ المجيءِ
وذاك .. يشيعُ نداءَ الرجوعْ
حضاراتُ من قبلَنا نجمةٌ
بذمَّة تاريخِنا .. للسطوعْ
نعيدُ تجارتَهم رؤيةً
ونحمي مآثرَهم .. با لشيوعْ
على الشمس أن تستعيدَ الأصيل
أنا..في العلا منذ عمرٍ طويلْ
تعاقَبُ حولي تواريخُها
وأبقى فتاها الأبيّ النبيل
أُعيدُ لأنباطِها حيَّهم
وأحملُ أعرابَها مجدَ جيلْ
فلا سافرتْ رملةٌ في الرياحِ
إذا لم تكنْ مُمْكنُ المستحيلْ!
على الرملِ .. بعد مرورِ السنين
نجدُّدُ عهدَك .. دنيا ودين
فإن كنتَ أسطورةً في الكتابِ
فرؤيتُنا .. سيرةُ الحالمين
سنبني الخيالَ .. ونأتي المحالَ
ونلقي السؤالَ .. على العالمين
هل المجدُ إلا تراثٌ يُعادُ
بهمَّة من عزمِه.. لايلينْ
وهلْ للعُلا بعد هذا الغيابِ
سوى قائدٍ .. لغَدِ الأولين ؟!

التعليقات