سفر جميل ورشيق في ثنايا رحاب الحرف الذي لا يخفت بريقه، يأتي بوجهه المشرق ليسعد القلوب بالجمال، فهناك العديد من الكُتُب ترى وأنت تغرق في بحر قراءتها ما بين المدِّ والجزر أن عنوان الكتاب كان معبراً تماماً عن مضمونه، يشعل جذوة الفكر، مبلوراً ما احتوت صفحاته وهذا الوصف ينطبق على ديوان: "رياض الوشم"، للأستاذ عبدالكريم بن عبدالله آل عبدالكريم الذي اعتمد في هذا الديوان على كتابة جميع قصائده بخط يده.. خط الرقعة الذي تعلّمه منذُ مرحلة الدراسة الابتدائية.

فكرة الكتاب

لكل كتاب قصة، تبدأ من فكرة في مخيلة المؤلف حتى تنتهي، وعن فكرة هذا الكتاب يقول المؤلف: "هذا الديوان الثاني واسمه (رياض الوشم) جاءت قصائده في فترات متباعدة يفصل بين بعضها والبعض الآخر قرابة خمسين سنة وهذا -وَأيْمُ الحقِ- فارق زمني كبير جداً يجعل قائله وقارئه -معاً- متعجبين التفاوت، وتراكيب ومعاني أوائلها عن أواخرها، وقد أبقيت ذلك منضماً إلى بعضه باعتباره نتاجاً حالياً قدر المستطاع من الأخطاء اللغوية يرمي -في معظمه- إلى أهداف عالية تحث على كل عمل بَنَّاء ورائدي في ذلك الإخلاص والترفع عن الترهات، أما وقد أعانني الله على كتابته بيدي بخط الرقعة الذي تعلمته في مرحلة الدراسة الابتدائية عام ستين وثلاث مئة وألف هجرية أي قبل نَيِّفٍ وثمان وخمسين سنة فذلك مما اعتز به ويشاركني فيه كل محب ومنصف وأَعدّهُ رافداً يدعم مستوى هذا النتاجَ الفصيحَ ويبقيه أثراً ينبئ عن صاحبه، آملاً أن يلقى فيه القارئ والقارئة ما يروق لهما معتذراً عما قد يكون حصل فيه من أخطاء فاتني تلافيها -وجَلَّ مَنْ لا يسهو- كما أن النزعة الوطنية والدينية والخلقية التي أراها مهيمنة على مجمله مفخرة غير مُتَكَلَّفَةٍ بل نابعةٌ من نفس منطوية على الصدق والإخلاص والسعي إلى كل خير خاص وعام.

والشِّعر -كما هو معروف لدى أي فطن- تُوَلِّدُهُ الأحداث وتفرضه الظروف المتباينة التي تُعَدُّ حافراً يُلِزْمُ أي شاعر بقول ما يعبر به عن أحاسيسه المعتملةِ في خاطره لتبرزَ فوق السطح قَسْراً بأشكال متباينة قوةً وضعفاً شِعْراً أو نثراً، وسواء أكانت هذه الإضمامة شعراً أو نظماً فسبكها اللغوي ومعانيها وأهدافها السامية روافد تجعلني أثق في إنصاف المنصف الفطن الذي يفي المجتهد حقَّ اجتهاده ونُبلِ مراده -والكمالُ لله-، وسيرى القارئ والقارئة فيه زخْماً من المفردات اللغوية التي لا يستعملها إلا محبو الغوص في أعماق بحار لغة الضاد التي شرَّفها الله وشرَّف أهلها بأن أنزل القرآن بها وسمَّاها اللسان العربي المبين.

وقد أنصف الأستاذ الشاعر الكبير محمد حسن فقي عند تقديمه ديواني "عبر السنين" حين ذكر أنني لا أتعرض للأضواء وهي التي لا تتعرض لمن لا يتعرض لها، وتلك سجية لست آسفاً عليها لأنني أُفَضِّلُ الاعتدال في كل شيء غير مبال إلى المظاهر البراقة التي كثيراً ما يكون لها آثار عكسية عندما يخفت بريقها".

إحدى قصائد المؤلف بخط يده