لعل أبرز المتغيرات في المدينة الجميلة المكناة بعروس الشمال ما افتتح في جبلها العتيق (السمراء) الذي كان في زيارتي السابقة أشبه ما يكون بخرابة، فكان التحدي الكبير أن قلبت تلك الخرابة إلى مقهى ومطعم وجلسات تطل على المدينة الساحرة من علو، لا يزيدها إلا بهاء وجمالاً..
في نطاق تجوالي في ربوع بلادنا الغالية كنت زرت منطقتين متباعدتين، إحداهما شمالية، والأخرى جنوبية، وبين الزيارتين لكل منهما أقل من سنة، ومن هنا أردت أن أسجل انطباعي عن ذلك باختصار لا يخل، فالتطويل في العادة ممل.
زرت حائل في شوال الماضي، وكنت قد زرتها قبل أعوام، فكان التغيير الجميل ملحوظا في شوارعها، وميادينها، وأسواقها، ومنتجعاتها، والشيء الذي لم يتغير فيها هو كرم أهلها الحاتمي، بل قد يكون كرمهم متعبا للزائر حيث لا يجد بدا من أن يتوارى عن الأعين، ويختبئ عن الأحباب هناك وإلا فلن يستطيع من كرمهم فكاكا، وليس ذلك بمستغرب فإن حائل موطن حاتم الطائي المضروب بكرمه المثل، وكذا طيبتهم ونخوتهم، وتكامل الصلة فيما بينهم، فما يسمونه (الشبة) مجتمع جميل يلتقي فيه الأحبة جيرانا وأصدقاء وأقارب، ويكاد يكون لكل بيت (شبة)، وهي عادة جميلة تفتقدها المدن الكبيرة، أو تكاد. ولعل ما يميزها عدم الكلفة، والأريحية و(سعة الصدر) التي تميز بها أهل الشمال.
وأكتب مقالي هذا في أحد منتجعاتها الجميلة في (عقدة) التي تغيرت خلال الثمانية أشهر التي خلت بما يحير الزائر، ويلفت نظر المقيم. ولعل أبرز المتغيرات في المدينة الجميلة المكناة بعروس الشمال ما افتتح في جبلها العتيق (السمراء) الذي كان في زيارتي السابقة أشبه ما يكون بخرابة، فكان التحدي الكبير أن قلبت تلك الخرابة إلى مقهى ومطعم وجلسات تطل على المدينة الساحرة من علو، لا يزيدها إلا بهاء وجمالا.
ويزيد العروس حسنا جوها الرائع، وسحر شعابها الفتان، وتقارب أماكن التنزه فيها، مع تاريخها الضارب في القدم.
ولعلي وأنا يملأ نفسي الإعجاب بهذا الإنجاز المهيب، وهذه النقلة الجميلة، أشيد بالعاملين في أمانة حائل، من أمينها إلى كل العاملين فيها، فجهدهم ملموس، وعملهم بارز، وإخلاصهم ظاهر. وقد أخبرنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه أنه لم يشكر الله من لم يشكر الناس. وأنا هنا أشكرهم بصدق وأثني ببيان إعجابي الشديد بكل ما رأيت في عروس الشمال من تطور ونمو عمراني وترفيهي ورياضي. ولعلي أسجل أمنيتي أيضا بأن يستمر هذا العمل الجدّ والجهد المبذول لتتحقق كلمات قائد البلاد الملك سلمان - حفظه الله ورعاه - حين قال: "يعجبني في هذه الدولة وهذا الشعب الطموح المستمر بحيث لا يرضينا دوما ما وصلنا إليه، وما نصل إليه بل نطمع للأكثر". وكذا ما جاء عن القائد الشاب عرّاب الرؤية وملهمها الأمير محمد بن سلمان - رعاه الله - حين قال: "بل علينا أن نتوجه دوما إلى الأمام"، فما زال الطموح شامخا، وإن كان واقعنا ما يحلم به الآخرون، فإنه يبقى حافزا للمضي قدما لا أقول لتحقيق النجاح، ولكن للاستمرار فيه.
ولعل الحديث عن عروس الشمال قد استحوذ على أكثر المقال فإنها تستحقه بلا مواربة، والحديث عنها لا يمل، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.. هذا، والله من وراء القصد.
التعليقات