قال النبي صلى الله عليه وسلم بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها فسقته، فغفر لها به . أخرجه الشيخان. وفي رواية لمسلم: أن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر، قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها، فغفر لها.
صورة حية، تنقلها لنا شاشات التاريخ، ويحكي لنا أحداثها حبيبنا وقرة أعيننا، صلوات الله وسلامه عليه، في مشهد من مشاهد الرحمة، وموقف عجيب، لقلب رق لضعف مخلوق، فأغاثه، فكانت تلك الإغاثة سببا لمغفرة الله، ويا له من سبب، ويا له من طلب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها فسقته، فغفر لها به . أخرجه الشيخان. وفي رواية لمسلم: أن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر، قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها، فغفر لها.
البغي هي الزانية، أو من احترفت الزنا، واشتهرت به. ومع هذا الذنب العظيم الذي تلبست به ، غشت قلبها رحمة لكلب رأته قد أدلع لسانه من العطش في يوم حار، فسقت ذلك الكلب، وأطفأت ظمأه، فكان نظر المولى إليها أعظم من نظرتها إلى ذلك الكلب، رحمت كلبا فرحمها الرحمن، أسدت إلى حيوان معروفا، فكافأها الشكور، فغفر لها ذنبها.
بشربة من ماء، برحمة وقعت في قلب قد غشاه الران من الذنوب، تقشع ذلك الران برحمة أضاءت ظلامه، وقشعت غمامه، وأغاثته بسيل من رحمات ذي الجلال، والرحمة تستجلب الرحمة.
شربة ماء برحمة لحيوان، سترت العيب، وأنالت الرضى. هي لم تتب، ولكن رحمتها للكلب غفرت ما مضى.
هذه الشربة، دليل الرحمة، وعلامة لين القلب، ولهذا كانت المكافأة لها مغفرة ذنوبها، وما ذلك بغريب، فقد قرر الله تعالى فقال مخاطبا نبيه ومصطفاه، صلى الله عليه وسلم: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. رحمة، للعالمين، لا لفئة دون أخرى، ولا لعالم دون عالم، بل للعالمين. فالرحمة شعار المسلمين، ودثار الأخيار والصالحين، ولباس عباد الله المتقين.
ولكن، هناك من خلا قلبه من الرحمة لوالديه، بسوء أخلاقه يشقيان، وبنار عقوقه يصطليان، لم يرحم شيبتهما، ولم يرأف بضعفهما، وقد خارت قواهما، ووهن العظم منهما، فكان عليهما سوطا مسلطا، يسمعهما من بذيء الكلام ألوانا، ويسومهما من سوء أخلاقه قطيعة وهجرانا.
وإن أناسا قد خلت قلوبهم من رحمة أبنائهم، فلذات أكبادهم ، وكم سمعنا في زمننا هذا من أحداث كان الأطفال فيها هم الضحايا، ولم يكونوا ضحية غرباء، أو أشقياء، ولكنهم كانوا ضحية الوالدين. قسوة وجبروت، وعنف وتعذيب، حتى يحار المرء هل في صدور هؤلاء قلوب تنبض، أم هي حجارة صماء؟
إن أناسا قلدنا الله أمرهم، من عمال وخدم، وأجراء وموظفين، بحاجة منا إلى تلك الرحمة.
فينبغي للمسلم أن يطعم من تحت يده في بيته مما يأكل، ويكسوهم مما يكسو أهله، وأن يحسن إليهم ، وأن يجبر خاطرهم.
ولنا إخوانا ينتظرون منا رقة قلب، ولفتة رحمة، ربما غفلنا عنهم، أو تجاهلناهم، فحالهم قد يكون أشد بؤسا من حال الكلب مع تلك البغي، فقراء ومساكين، ينتظرون قلبا رحيما يدخل عليهم السرور، يكفكف دمعهم، ويسد عوزهم، ويسعى في حاجتهم، يجبر كسر قلوبهم، ويمشي في حاجتهم موقنا بأن الساعي على الأرملة واليتيم، كالصائم لا يفطر، والقائم لا يفتر. هذا، والله من وراء القصد.
التعليقات