لا نستطيع الإجابة الكاملة على تلكم الأسئلة التي نطرحها عن مستقبلنا، وهي تلك التي أطلق عليها مسمى "أسئلتنا الصعبة"! ليس لأننا لا نستطيع الإجابة؛ بل لأن الصعوبة تكمن في تنفيذ الأجوبة!

نحاول تجاهل كتابة ما نرغب تحقيقه بدقة لأننا نعرف أنه يحتاج إلى بذل جهد ووقت، وليس مجرد أملٍ وحلم، وهنا يمكن الفرق بين المُنجز والمُسوف، فنجاحات الحياة لا يمكن أن تفوز بها صدفة، أو على قارعة الطريق، بل هي نتاج تخطيط وعملٍ وبذل، وهذا التخطيط لا يمكن أن يتحول إلى خطة تنفيذية دون أن تطرح الأسئلة المهمة، التي من خلاله تفصيل الإجابات وصدقها، حتماً سوف تحدد مسار حياتك.

من أنت؟ ماهي أهدافك؟ ما هي أمالك؟ ثم تنتقل إلى الأسئلة التفصيلية، التي تستلزم الإجابة عليها الدخول في تفاصيل تحقيق أهدافها، من توقيت وإمكانات، وما يصحب ذلك من عمل شاق والتزام مستمر، لأن مجرد التفكير في الهدف لن يقود إلى تحقيقه مالم تبذل الجهد المطلوب بناء على خطة واضحة ومكتوبة!

نغفل عن تلكم الأسئلة، لأننا نعلم أن أجابتها تتطلب العمل على إنجازها، بدلاً من الاعتماد على تصاريف القدر أو دعم الأصدقاء والأحباء، الذي حتماً لن يصل بك إلى ما ترغب.

نتوهم أن تجاهلنا لتلك الأسئلة يفسح المجال للحياة أن تجيب عليها، فنمسي نحن مجرد ردة فعل لكل ما حولنا، ونفقد السيطرة على حياتنا وعلى مستقبلنا. ولنا عبرة في سؤال: من الأشخاص الأهم في حياتنا؟ والذي غالباً ما تكون الإجابة: الوالدين والعائلة الصغيرة، لذا يصبح من المنطقي أن يكونوا هم على رأٍس قائمة اهتماماتنا العاطفية، وليسوا بعد العمل والأصدقاء، كما يفعل الكثيرون! وقد يكون ذلك لأنهم لم يسألوا السؤال ويتبنوا الإجابة!

أن مجرد كتابة تلكم الأسئلة ثم تدوين الإجابات، سوف تضيء الطريق نحو المستقبل، وتوضح لنا معالم الدرب، وحتماً سوف تتطور تلكم الإجابات وتتغير، لكنها سوف تكون خارطة طريق واضحة لما نأمل، وتجعل عملية اتخاذ القرارات -وبالذات المصيرية- أسهل، ومن مثال ذلك أن تعترض حياتنا فرص وقرارات مثل إمكانية إكمال الدراسات العليا أو الانتقال إلى وظيفية في مدينة أخرى، فندخل في أمواج متلاطمة من الأفكار والآمال، ونتردد في اتخاذ القرار، الذي قد يكون عاطفياً وغير عقلاني في النهاية، بينما لو كانت خارطة طريقك مكتوبة؛ لأمسى اتخاذ القرار أسهل وأوضح.

أيضاً حينما تحتوي إجابتنا على تفاصيل التأطير الزمني لمراحل ما نرغب تحقيقه، سوف يكون الإنجاز أسهل وأكثر راحة نفسية، لأن تحقيق مراحل كل هدف هو نجاح بحد ذاته، ويساعدك في قياس تقدمك نحو تحقيق الهدف النهائي.

قد لا تستطيع الإجابة على أسئلتك الصعبة في البداية، لكن مجرد أن تبدأ سوف تكتشف أن لديك الكثير من الإجابات، وأن كتابتها سوف يجعلك ترتب أولوياتك وتستشرف مستقبلك.