أضرار السمنة أخطر من السرطان والتدخين، وتعتبر سببا مباشراً في 70 % من الأمراض، و30 % من سكان العالم مصابون بها، ووفق أرقام 2023 هناك حوالي 380 ألف شخص حول العالم يقومون بجراحات التكميم، وفي 2015 كان السعوديون، استنادا إلى الإحصاءات الموثقة، يجرون 20 ألف عملية تكميم سنويًا، وبما قيمته 100 مليون ريال، أو ما يعادل 27 مليون دولار..
الانتقادات الموجهة لجراحات تكميم المعدة لا تتوقف، وقد كان آخرها ما قاله الدكتور المصري كريم علي في برنامج ليالي الكويت في التلفزيون الكويتي، وذلك في الربع الثاني من مايو 2024، او قبل قرابة اسبوعين من بداية الحملة عليه في السوشال ميديا، وقد وصف الدكتور كريم، وهو استشاري سموم اكلينيكية، جراحة التكميم انها جريمة في حق الانسانية، وأنها تضر بحمض المعدة وتعطل عمله، وادخلها في باب التغيير على خلق الله، لان فيها قص لحجم المعدة بنسبة 80%، حتى تصبح كالموزة او الانبوب، والاحالة الى البعد الديني بدون مبرر، ربما جاءت متأثرة بخلفية الدكتور الدراسية، وكونه خريج جامعة دينية في تكوينها الأول، ولكن، وبنفس المنطق، توجد قواعد فقهية تقف الى جانبها، كقاعدتي دفع الضرر الاكبر بالضرر الأصغر، وان الضرورات تبيح المحظورات، مهما كانت، والجراحة قد تكون تجميلية في بعض الأحيان، ولكنها في اغلبها علاجية، وبالذات عند من يرتفع مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 40، وهؤلاء قد يتعرضون لامراض السكري وضغط الدم والسكتات القلبية والدماغية، أو قد تكون لديهم معاناة مع توقف التنفس اثناء النوم، بجانب تشحم الكبد وتكيس المبايض وتآكل المفاصل وغيرها.
الدكتور كريم ليس وحيداً ويقف معه دكاترة سعوديون لاسباب مختلفة، من امثال الدكتور خالد الحربش الذي قال في برنامج الليوان على روتانا خليجية، قبل ثلاثة اعوام، إنها تمثل جريمة طبية، بسبب مشاكل التخلص من فقاعة الهواء التي تدخل الى المعدة، وتحدث الماً صعبا بينها وبين المريء، ما قد يؤدي الى ازمة شريانية في القلب، بالاضافة الى الدكتور هاني الجهني وتحذيره في فبراير 2024 من ان التكميم يؤدي الى نقص الفيتامينات، وهذا يسبب ضمورا في الدماغ، ويجعل الشخص البالغ يتصرف وكأنه طفل، وقبله وفي يناير من العام نفسه، حمل الدكتور ابراهيم العنزي، نقص الفيتامينات بفعل التكميم، مسؤولية اصابة الاشخاص بالعمى ونقص السمع، ومعظم هذه الافتراضات الطبية مجرد خزعبلات، أو احالات على حالات سلبية نادرة جداً.
الجراحات العلاجية للسمنة يزيد عمرها على 100 عام، ومن ابرزها ربط المعدة بوضع حلقة سيلكون حول مدخلها، وتحويل المسار، وتركيب بالون المعدة بمنظار الفم، وحقن البوتوكس في المعدة، وتحويل المسار، وشفط الدهون، بينما لا يتجاوز عمر جراحات التكميم نفسها حد الـ16 عاما، وآثارها الجانبية بسيطة، وقصيرة في مدتها، وحتى تسريباتها لا تحدث الا في 2% من الحالات ، وكلاهما يعود بالدرجة الاولى، لتأهيل الجراح المتواضع، أو لمعرفته غير المكتملة عن طريقة اجراء الجراحة.
أضرار السمنة اخطر من السرطان والتدخين، وتعتبر سببا مباشراً في 70% من الامراض، و30% من سكان العالم مصابون بها، ووفق ارقام 2023 هناك حوالي 380 الف شخص حول العالم يقومون بجراحات التكميم، وفي 2015، كان السعوديون، استنادا الى الاحصاءات الموثقة، يجرون 20 الف عملية تكميم سنويا، وبما قيمته 100 مليون ريال، أوما يعادل 27 مليون دولار، وتقدر اسعارها الحالية، في مستشفيات القطاع الخاص السعودية المرخصة، ما بين اربعة آلاف الى عشرين ألف دولار، والمبالغ تدخل فيها حسابات كثيرة، من ضمنها مكان اجراء العملية، والاشكالية ان شركات التأمين، تبحث عن السعر الاقل ولا تهتم بالكفاءة، وتشترط ألا تقل كتلة الجسم عن 35، ولا تضع في حساباتها الامراض المصاحبة للوزن الزائد الأقل في كتلته.
اللافت انه وطبقا لدراسة سعودية، نشرت نتائجها عام 2019، وتم إجراؤها في منظقة الرياض على 91 شخصاً من الجنسين، وجد ان 74% ممن اجريت لهم عمليات تكميم وتحويل مسار وبالون عادوا لاكتساب الوزن من جديد، وتحديداً بعد خمسة اعوام، وقد فسرت النتيجة انهم لم يلتزموا بالرياضة والاكل الصحي، وخصوصا الواح ومنتجات البروتين متعدد النكهات والمحلى صناعياً، وكانوا يتناولون بشكل متواصل وبلا حركة، اطعمة صغيرة في حجمها وعالية في سعراتها الحرارية، كالشوكولاته والحلويات والتمر، والزيادة كانت في مخازن الشحوم بالجسم، وليس في حجم المعدة، ولا أدري عن امكانية تعميم السابق على بقية المناطق.
في المقابل وبالنظر لارقام 2023، فإن 85% ممن اجروا جراحات التكميم في المملكة، وصلوا الى الوزن المطلوب، وحافظوا عليه لأكثر من عشرة أعوام، والسبب التزامهم بالاكل الصحي والرياضة الخفيفة، والمفروض ان تعمل هيئة التأمين السعودية، على وضع معايير وضوابط لهذه الجراحات، وتلزم بها شركات التأمين، وبما يمنعها من خفض التكلفة على حساب الجودة، ولابد من قيام وزارة الصحة بإيجاد حل لطوابير الانتظار الطويلة في مستشفياتها، فيما يخص جراحات التكميم والسمنة العلاجية، والتي قد تستمر لاعوام، ولعل الانسب كحل مرحلي ان يكون الارتباط بعقود سنوية مع القطاع الطبي الخاص، يحدد فيها الاعداد الخارجة عن القدرة الاستعابية لمرافق الوزارة، وبما يسمح بإحالتها السريعة، وبالاخص في الحالات التي لا تحتمل التأجيل.
التعليقات