مهرجان كان يعتبر المهرجان الدولي الأهم في العالم، وثاني أقدم مهرجان بعد البندقية، ومعظم من حصلوا على جوائز فيه تحولوا إلى نجوم في الإخراج والتمثيل وكتابة السيناريو، والفضل في وجوده يرجع لهتلر وموسوليني، فقد تم تأسيسه في 1939 بسبب رغبة السينمائيين الفرنسيين التخلص من سيطرة هذين الرجلين، على ما يعرض في مهرجان البندقية الإيطالي، ولإيقاف التدخل الألماني الإيطالي في نتائج الفائزين بالجوائز..

في مايو من العام الجاري، دخل الفيلم السعودي (نورة)، كأول انتاج سعودي، يدرج في القائمة الرسمية لعروض الافلام، وذلك في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي الدولي، وهو فيلم روائي طويل، تم تصويره بالكامل في مدينة العلا السعودية، ويتكلم عن شخصين في قرية سعودية بعيدة، يعيشان في فترة التسعينات الميلادية، ويكتشفان صوت الابداع والفن في داخلهما، والاقبال الجماهيري عليه كان لافتاً في المهرجان، وسيتم عرضه في دور السينما يوم 20 يونيو الحالي، ولابد من الاشارة الى ان الفيلم سبق وان فاز بجائزة مهرجان البحر الاحمر، كأفضل فيلم سعودي لعام 2023، وبالتالي يمكن القول ان دخوله لم يكن عشوائياً.. ومهرجانا البحر الاحمر وكان يعملان على برنامج واحد عنوانه (صناع كان)، لمساعدة محترفي صناعة الافلام وتمكينهم من الوصول الى صناعة سينمائية متميزة، ومن ثم الحصول على جوائز في مهرجانات عالمية، ولعل الفيلم يعتبر من مخرجات البرنامج، مع ان فكرته بدأت في 2015، مثلما يقول القائمون عليه، ونسبة التوطين فيه تصل لقرابة 40%.

السينما في المملكة منعت بالكامل، ما بين عامي 1983 و2018، ورغم عودتها المتأخرة الا انها كصناعة سعودية تعتبر الاولى على المستوى العربي والشرق أوسطي، وضمن قائمة اكبر 15 سوقا سينمائية عالمية، وتحديداً فيما يتعلق بالايرادات التي وصلت منذ 2018 وحتى الربع الاول لـ2024 لنحو ثلاثة مليارات وسبع مئة مليون ريال، أو ما يعادل 987 مليون دولار، ما يعني ان المليار دولار المستهدف في 2030 أصبح قريبا جدا، ولا يحتاج الا لـ13 مليونا لا أكثر، والافلام المفسوحة طوال الاعوام الماضية تقدر بحوالي الف وتسع مئة وواحد وسبعين فيلما، من بينها 45 فيلما سعوديا، ويتضح غياب التناسب بين الرقمين، ولكنه امر مفهوم تماماً، لأن التجربة السعودية عمرها قصير.

بناء شخصيات العمل السينمائي تبدأ من داخله ، وتكبر معه، وهذا ما لم يعمل به حتى اليوم، وازمة النص حقيقة موجودة في الاعمال السعودية، والمسألة تستوعب الدراما والسينما معاً، ويعود السابق لغياب الارث الفني والثقافي الذي يمكن البناء عليه، والمعني ان التجارب السعودية الفارقة في هذا المجال لم تنضج، ومن يقفز على هذه الحقائق يغالط نفسه، والارقام التي وردت في مكان سابق، تشير بالتأكيد الى اننا أسياد صناعة السينما، على المستوى الاقليمي وربما الدولي، ولكن ليس كمبدعين وانما كتجار، والوصول الى قائمة الافلام المعروضة في مهرجان كان، ليس انجازا بالمعنى الحرفي، لانه لا يعني سوى ان الفيلم يستحق المشاهدة لا أكثر.

الاصعب وجود شخصيات ليست سينمائية وحيوانات حازت على اهتمام مشابه، من ابرزها: الكلب ميسي، الذي شارك في فيلم (اناتومي دون شوت)، المعروض في المهرجان، وحصل في الدورة التاسعة والستين منه على جائزة (سعفة الكلب)، وتكريم الشيف التركي بوراك أوزمير، ومنحه جائزة افضل رجل اعمال مؤثر، لامتلاكه 54 مليون متابع على انستغرام، وحضر المهرجان مؤثرات سعوديات على السوشال ميديا، لاعلافة لهن بالفن السابع على الاطلاق، ولا ادري كيف تمت دعوتهن، مع العلم ان حضور المهرجان لا يكون الا بدعوة، وهو ليس مفتوحاً لكل أحد، كبقية المهرجانات السينمائية الدولية.

مهرجان كان يعتبر المهرجان الدولي الاهم في العالم، وثاني اقدم مهرجان بعد البندقية، ومعظم من حصلوا على جوائز فيه، تحولوا الى نجوم في الاخراج والتمثيل وكتابة السيناريو، والفضل في وجوده يرجع لهتلر وموسوليني، فقد تم تأسيسه في 1939، بسبب رغبة السينمائيين الفرنسيين التخلص من سيطرة هذين الرجلين، على ما يعرض في مهرجان البندقية الايطالي، ولايقاف التدخل الالماني الايطالي في نتائج الفائزين بالجوائز، وفكرة المهرجان وترخيصه واقامته، بدأها الدبلوماسي والمؤرخ الفرنسي (فيليب برلونجي).

جائزة السعفة الذهبية في المهرجان، لم تفز بها الا مخرجة او امرأة واحدة اسمها (جاين كامبيا) عن فيلمها (ذا بيانو)، والمخرج التركي المبدع (نوري بيلشيران) فاز فيلمه (وينترسليب)، بجائرة السعفة الذهبية في 2014، وهو اطول فيلم يفوز بها، فقد كانت مدته ثلاثة ساعات و15 دقيقة، وفيه دمج لقصتين كتبهما الاديب الروسي أنطون تشيكوف، ونحتاج لهذه النوعية من الشخصيات السينمائية الفذة، في دورات تدريبية بالمملكة، لان هؤلاء يعرفون الطريق الانسب الى جوائز السينما العالمية، فالفيلم العربي الوحيد الفائز بالسعفة الذهبية في 1975، اخرجه الجزائري محمد لخضر حمينة، واسمه (وقائع سنين الجمر)، ومعه فيلم الرسوم المتحركة اللبناني (موج 98)، للمخرج إيلي داغر، والذي فار بالسعفة الذهبية لافضل فيلم قصير في 2015، وفاز المخرج الفلسطيني (إيليا سليمان) بجائزة لجنة التحكيم عن فيلم (يد إلهية) وفاز فيلم اللبنانية نادية لبكي (كفر ناحوم) بجائزة لجنة التحكيم في 2018، والمخرج القدير يوسف شاهين، شارك بفيلمه (المصير) في مهرجان كان عام 1997، ولم يحصل الا على جائزة فخرية تقديراً لمسيرته السينمائية بأكملها.