وفق برنامج جودة الحياة السعودي، فلا زال قطاع الترفيه المحلي متأخرًا كثيرًا، استنادًا للمقاييس المعيارية العالمية، ويأتي ذلك، لأن ما يقام لكل مليون مواطن لا يتجاوز سبع فعاليات، وفي خمسة مواقع مخصصة لهذا الغرض، وهو مساوٍ لنصف الموجود في بريطانيا، على سبيل المثال، وفيما سبق إشارة إلى أن البيئة التحتية للفعاليات الترفيهية السعودية، أقل من نظيراتها في دول العالم المتحضر..

في السابع من يوليو القادم ولمدة ثلاثة أيام، تستضيف واجهة الرياض بالعاصمة السعودية، القمة والمعرض السعودي للترفيه والتسلية، وسيتم فيهما بحث مجالات التطوير الترفيهي، وتقديـــم الحلول الترفيهية المبتكرة، ومسارات توطين هذه الصناعة الحيوية، ودعم عمل المهنيين في أنشطتها، وستحضر في المعرض مئات العلامات التجارية، المحلية والدولية، من قرابة 40 دولة، وللعلم فإن أول البرامج الترفيهية المعتمدة، نظمت في منطقة جدة التاريخية، وباســم مهرجان (أتاريك) عام 2017، وقبل ذلك بدأ الترفية في المملكة، بالراديو والتلفزيون في الخمسينات والستينات الميلادية، وقد صاحبتهما موجة اعتراضات غير مفهومة، وتبعهما المسرح والشعر، وافتُتحت أول مدينــــة ألعاب سعودية في مدينة الرياض عام 1979، ورغم أنها كانت بدائية، مقارنة بـ(سيكس فلاغز) في مشروع القدية الترفيهي، لكنها شكلت، في تلك الأيام، نقلة نوعية كبيرة.

بخلاف ما سبق، سيقام في مدينة الرياض، كأس العالم للرياضات الإلكترونية، ما بين يومي 3 يوليو و25 أغسطس القادمين، وبمشاركة ثلاثين فريقا عالميا، وجوائز قيمتها 60 مليون دولار، وسيصاحبها فعاليات مهمة وجاذبة في بوليفارد الرياض، مثلما صرح رئيس هيئة الترفيه، المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، والنمو في مجال صناعة وتطوير الألعاب الإلكترونية، وصل لـ40% سنوياً، وتشغل المملكة فيه المرتبة الأولى، على مستوى الشرق الأوسط، والتاسعة عشرة عالمياً، وبإنفاق يعتبر الأعلى في المنطقة، فقد تجاوز المليار دولار خلال أزمة كورونا في 2020، وتقود القطاع شركة (سافي) المملوكة للصندوق السيادي، وقد ضاعف الصندوق حجم استثماراته في ألعاب الفيديو الأميركية، إلى ستة مليارات دولار في الربع الأول من 2021، وهو استثمار ذكي ومطلوب، لتنويع مصادر الدخل، وزياد حجم الإيرادات غير النفطية، و73% من السعوديين أعمارهم دون 45 عاماً، ويفضلون هذه الألعاب.

قبل حوالي عشرة أعـوام، كان حجم الإنفاق السعودي على الترفيه والسياحة الخارجية كبيراً، ويصل لقرابة 75 مليار ريال، أو ما يعادل 20 مليار دولار، وهذه الأموال كانت تنفق بشكل سنوي، وتحديدا على فعاليات ترفيهية معظمها أصبح متوفرا على المستوى المحلي، وربما بجودة أعلى، ولعل أكبر المتضررين من هذا التحول السعودي نحو الترفيه والسياحة في الداخل، هم جيران معروفون في المنطقة العربية، ومن غير المستبعد أن تكون بعض الحملات الموجهة ضد المملكة، قد تمت بمباركة وتمويل من هؤلاء، ويدخل في ذلك ما حدث من مغالطات مفضوحة في موسم الحج الأخير، والمعنى أن المسألة اقتصـــــادية خالصة ولا علاقة لها بالسياسة أو الدين إطلاقاً، خصوصا وأن المنافسة في واقعها على صنـــــاعة الترفيه، والتي سيصل حجمهـا العالمي في 2026، إلى حــــوالي ثلاثة ترليونات دولار، استنادا لتقديرات نشرتها (بي دبليو سي).

في السابق كانت العائلة السعودية تذهب إلى الجوار الخليجي، لمشاهدة الأفلام، وفي هذه الأيام، وتحديدا منذ 2019، بلغت مبيعات التذاكر السينمائية السعودية ما قيمته 110 ملايين دولار، من إجمالي المبيعات العالميـــــة التي تقدر بنحو 600 مليـون دولار، وعندما ظهـر موسم الرياض الترفيهي في ذات العام، غيب بحضوره مهرجانات خليجية وعربية كثيرة، وحقق مكاسب مالية عالية، ما جعل المملكة في عين العالم الاقتصادي والسياحي، والرؤية السعودية تعمل على أن تكون المملكة في 2025، من بين الوجهات الترفيهية الأولــى في آسيا والعالم، فالاقتصاد الترفيهي، يمثل الثورة الجديدة القادمة، وبفضله تم إنقاذ أميركا في فترة الركود، مثلما يفيد بنك (مورغن ستانلي)، وذلك بإضافة خمسة مليارات وأربعمائة مليون دولار لناتجها المحلي، وبرفع معدل الإنفاق إلى 2%، ومعها العودة القوية لهوليود بفيلمي (باربي) و(اوبنهايمر)، أو ما يسمونه موسم (باربنهايمر)، فقد نشرت وكالة بلومبيرغ، أن الحفلات والأفلام في الربع الثالث من 2023، دعم الاقتصاد الأميركي، بأكثر من ثمانية مليارات وخمسمائة مليون دولار.

المنافسون في المحيط الإقليمي أقلية ولا يشكلون خطورة، والدليل استقطاب المملكة لأكثر من 120 مليون زائر، خلال الفترة ما بين 2019 والربع الأول من 2023، والمسألة ليست عشوائية، فهناك شركات مملوكة للصندوق السيادي السعودي، تقود وتشرف على برامج الرؤية، بما فيهـــا الجانب الترفيهي، الذي تتولاه شركة (صلة)، وتضع خطتـــــه العامة، ومن ثم توكل غالبيــــة أعماله إلى شركــــات وطنية وأجنبية، وبما يحقق المستهدف المرحلي، وهو الوصول إلى ما نسبته 5%، من إجمالي إيرادات الترفيه حول العالم.

وفق برنامج جودة الحياة السعودي، فلا زال قطاع الترفيه المحلي متأخرًا كثيرًا، استنادًا للمقاييس المعيارية العالمية، ويأتي ذلك، لأن ما يقام لكل مليون مواطن لا يتجاوز سبع فعاليات، وفي خمسة مواقع مخصصة لهذا الغرض، وهو مساوٍ لنصف الموجود في بريطانيا، على سبيل المثال، وفيما سبق إشارة إلى أن البيئة التحتية للفعاليات الترفيهية السعودية، أقل من نظيراتها في دول العالم المتحضر، ولا بد من العمل على إيجاد اماكن ترفيهية ثابتة، لكل مواسم المناطق، وبصورة تواكب التطلعات والطموحات، وعلى طريقة (بوليفارد الرياض).