بحسب إحصاءات جمعية الجلد الأميركية فإن نسبة سرطان الجلد الناتج عن استخدام أجهزة التسمير الاصطناعية تفوق نسبة حالات سرطان الرئة بسبب التدخين، وترتفع النسبة بين من يستخدمونها قبل سن 35 عاماً إلى 75 %؛ لأنها تؤدي إلى تلف في الجلد من المرة الأولى، ومع التكرار تحدث طفرات جينية فيه، والإدمان عليها وارد وبدرجة عالية..
سمعت كلامًا عجيبًا من مختص سعودي في الطقس، قال فيه إن الصيف يدخل في يونيو، ولكن حساباته تختلف، فهو عربيا في اليوم السابع، وعالميا في اليوم الأول، وفلكيا في اليوم الواحد والعشرين، ولم أفهم هذه الفروقات، وبالتأكيد هناك تفسيرات تبررها عند أهل الاختصاص، ولعل الصيف في هذه الأيام أكثر حرارة، وبعض الناس في منطقة الخليج، يفضلون السفر إلى شواطي خارج دولهم، وبالأخص في مناطق من نوع جزر البهامز والمالديف، ولعل (كان) الفرنسية تعتبر الوجهة الأبرز في أوروبا الغربية، وفي هذه الأماكن، التسمير الطبيعي والصناعي، ومعها حمامات الشمس تتسيد الموقف، وسمعت عن حبوب وحقن وأدوية تسمير تؤدي ذاتها الغرض، ولا أفتي بسلامتها، وهذا التقليد الذي بدأته الفرنسية كوكو شانيل بالصدفة، في عشرينات القرن العشرين، بعد رحلتها إلى البحر المتوسط، وعودتها بلون برونزي ملفت، لا يشبه بشرتها القوقازية البيضاء، جعل التسمير أو (التان) يتحول إلى موضة بين الرجال والنساء معاً.
اللافت أن اللون البرونزي الذي يكتسبه الجلد، هو في حقيقته محاولة يقوم بها للدفاع عن نفسه، ويكون بإفراز مادة (الميلانين) لتغيير لونه، ولأجل هذا بدأت صناعة مستحضرات الوقاية من الشمس، وحدث ذلك في كندا عام 1928، كردة فعل متوقعة، على تسجيل ما يزيد على 80 ألف حالة وفاة بسرطان الجلد، في عام واحد، وتمت إحالة السبب الأول فيها لأشعة الشمس فوق البنفسجية، ووصل الأمر إلى حد التنبيه على العوائل، بضرورة إعطاء أطفالهم مستحضرات الوقاية من سن ستة أشهر، فالمختصون يعتقدون أن حرقا شمسيا وحيدا في مرحلة الطفولة أو المراهقة، يضاعف خطر الإصابة بسرطان (الميلانوما)، في المراحل اللاحقة، وهو أخطر السرطانات الجلدية، ومسؤول عن 75 % من وفياتها، وأشارت دراسة أميركية أنه يرتفع بين الأميركيين من أصول إفريقية، وبمعدل مرة ونصف المرة، مقارنة بالعرق القوقازي، وذلك بفعل بشرتهم الداكنة، التي تؤخر تشخيص المرض، والخليجيون والعرب بشرتهم (حنطية)، وداكنو اللون في الغالب، بخلاف أني استغرب قيام الأسمر بتسمير نفسه، لأنه يقبل وصف البرونزي بالولادة، أو أنه شديد السمرة من الأساس.
الفريق الذي يحذر من أشعة الشمس فوق البنفسجية، يعتقد بضرورة أخذ الاحتياطات المناسبة على مدار الساعة، وبما يضمن مواجهتها في كل الفصول، لأنها موجودة في الليل والنهار، وسواء حضرت الشمس أو غابت، وفي داخل البيت وخارجه، وهم يرجحون أنها تؤدي إلى الشيخوخة المبكرة وظهور التجاعيد قبل وقتها، ومعها التهاب القرنية الضوئي وسرطان الجلد، والتعرض المقنن لمدة 15 دقيقة يوميا، برأيهم، يؤمن الجرعة الكافية من فيتامين (دال)، التي تأتي من الشمس بنسبة 90 %، ومن الأسماك الغنية بالدهون وأحشاء الذبيحة وصفار البيض بنسبة 10 %، بينما يؤكد آخرون عدم واقعية هذه التصورات، ومن هؤلاء الأميركي (مارك سورنسون)، فقد أوضح أن في مقابل أكثر من خمسة آلاف حالة وفاة تحدث سنويا، نتيجة لتعرض أصحابها المفرط لأشعة الشمس، هناك مليون و685 ألف شخص يموتون كل عام، لأنهم يعانون من نقص التعرض لها، وبمعدل 329 ضعفاً.
في بداية القرن العشرين، انتشرت في أميركا مصالحات المعالجة بأشعة الشمس، لعلاج أمراض السل والربو وغيرها، وفي عام 1935 كان معدل الإصابة بسرطان الميلانوما واحدا لكل ألف وخمس مئة شخص، بينما في عام 2014 تراجعت الأرقام إلى واحد لكل خمسين شخصا، وبالمقارنة بين الفترتين، سنجد أن الناس في الفترة الأولى، كانوا يتعرضون باستمرار لأشعة الشمس في المزارع، وفي الفترة الثانية، جلسوا في بيوتهم ولم يغادروها إلا نادراً، ما يعني أن فرضية وصول أشعة الشمس فوق البنفسجية إلى الشخص، وإن لم يغادر بيته غير صحيحة، ومن معززاتها الاكتئاب الشتوي في فصل الشتاء، ومعه تراجع الخصوبة عند الجنسين، ومشكلات التسوس وتأآكل الأسنان، ويمكن اعتبار التسويق لمخاطر أشعة الشمس فوق البنفسجية، مجرد كلام في الهواء، أو تسويق لمستحضرات ومواد خاصة بالتشميس، والمصطلح السابق يخص المساجين، فالسجون في الشرق والغرب، تعطيهم وقتا يتشمسون فيه لعيون فيتامين (دال)، وبدون مستحضرات ولا يحزنون.
أشعة الشمس فوق البنفسجية لا تتجاوز 7 % من الإشعاع الشمسي، وما نسبته 39 % للأشعة المرئية، و54 % للأشعة تحت الحمراء، والتناسب مفقود بين خطورة أشعة الشمس فوق البنفسجة ووزنها، وربما الأخطر هو صالونات التسمير، وبحسب إحصاءات جمعية الجلد الأميركية، فإن نسبة سرطان الجلد الناتج عن استخدام أجهزة التسمير الاصطناعية افوق نسبة حالات سرطان الرئة بسبب التدخين، وترتفع النسبة بين من يستخدمونها قبل سن 35 عاماً إلى 75 %، لأنها تؤدي إلى تلف في الجلد من المرة الأولى، ومع التكرار تحدث طفرات جينية فيه، والإدمان عليها وارد وبدرجة عالية.
نصيحتي لمن يريدها، تمتعوا بأشعة الشمس دون تهور، وتذكروا أن أشعتها فوق البنفسجية، تعزز هرمون السعادة (السيروتونين)، فكونوا سعداء، واشربوا الماء وتعرقوا كثيرا، وساعدوا أجسامكم على موازنة حرارتها.
التعليقات