هي 4سنوات من الحرب الإعلامية والأمنية، يقابلها خمول فكري وفرجة، ملاحقات وجمع معلومات وكشف أفكار وخطط، ومازال قلب "القاعدة" ينبض في بلادنا، كأننا نجفف بحراً، جهة تعمل وأخرى تراقب، كأننا بالرتوش نزين التشوه.

بعد الأعوام الأربعة من الملاحقة العلنية، مازال تنظيم "القاعدة" قادراً على التجنيد، لا آتي بكلام من عندي، انها بيانات أجهزة الأمن ومحصول المضبوطين على مدى عام. خلال عام قبض على أكثر من 200جلهم من المواطنين. وجل هؤلاء من الفئة العمرية الصغيرة ما دون الثانية والعشرين.

من جند هذا الكم المكتشف؟ والله العالم بما لم يكتشف.

حين نقرأ هذا الرقم المهول علينا التوقف كثيراً، لا أن يمر كبقية الأرقام، علينا ان نفحص ونراجع أنفسنا، ونتساءل: ألم ترعبهم النهايات الدموية والخاسرة لعناصر التنظيم كي يلتحقوا به؟

وحين نقف عند هذا الرقم، سنجد أن لدينا في الحرب على "القاعدة" ومنهجها فريقين؛ أحدهما يعمل بكل اخلاص وتضحية، وآخر متفرج، أو متكاسل، أو غير مبال في أحسن الأحوال.

جهاز الأمن يجمع المعلومات ويلاحق ويقاتل ويفقد كوادره، يبذل كل شيء ولا يتأخر، ولا يقول: اكتفينا بما قدمنا، فيما الطرف الآخر لم يثبت لنا انه قدم شيئاً لعلاج أسباب التجنيد، فحين يجند هؤلاء لا نفهم إلا أن الماكينة مازالت تنتج ولم تعطل.

لا اعني بالجهد غير الأمني نشاط لجنة المناصحة وحوارها ونجاحها مع كثير من الموقوفين، فهذا جهد لاحق، والقضية في الجهد السابق، أي قبل القبض، وحتى الاخوة في "حملة السكينة" فهم مجموعة صغيرة تقوم بعمل جمعي أقرب إلى الفردية في نتائجه.

لا أحد يستطيع إنكار وجود التحريض في حياتنا. الانترنت تضخه لنا يومياً. تحريض مستمر لأسماء بعينهم، تحريض لقتلهم، وفتاوى تتناقل بكل يسر وسهولة. يتلقفها الجميع ويتأثر بها القلة، وما الخطر إلا منها، فقلة من هذه القلة تكفي لإشعال كل شيء.

ليس بالضرورة أن تنسب حادثة الفرنسيين إلى "القاعدة"، لكنها تلتقي ومنهجهم وأسلوبهم، كما انها تذكرنا بصيحات النداء والتحريض، التي صاحبت الحركة السياحية لزيارة المواقع الأثرية في مدائن صالح.

المحرضون نعرفهم، وهم بيننا وليسوا أجانب وافدين، أو يبثون تحريضهم من خارج الحدود، القصة بيننا ونحن أبطالها وضحاياها.

لم يعد يدهشنا الانفجار ولا الاغتيال، في المدن وفي الصحراء. للمسلمين ولغيرهم، اختفت الدهشة، وبتنا أمام خبر عادي. هدأت الضوضاء التابعة لكل عمل تقوم به "القاعدة" أو ملحقاتها.

مازالت الأسئلة عالقة في حلوقنا. لا نتجرأ على المكاشفة، تخدعنا أعداد الذين سقطوا لا نكترث للتحريض. نعتقد انه في حدود المقدور عليه وتحت السيطرة. المحرضون ليسوا أحصنة نملك لجامها، فنتحكم في تحركها دائماً، يوماً ما سينطلق بعضها، لنجلس مرة أخرى نعيد الحكاية، ونبكي ونقول: يا ليتنا...