عبدالعزيز اليوسف


الترجمة السعودية بين الغياب والفرصة

>آن الأوان أن تتحول الجامعات السعودية، ومراكز البحث، وأقسام الإعلام، إلى مصانع ترجمة، ومختبرات حضارية، ومجالس فكرية تجمع بين المؤلف والمترجم، بين اللغوي والمفكر، في مشروع وطني شامل لنقل المعارف العالمية إلى الداخل، ونقل الأفكار السعودية إلى الخارج.. فالترجمة بهذا المعنى ليست خيارًا نخبويًا، بل أداة من أدوا...

بصيرة ما لا يُقال

>الحب ذلك الكائن البرمائي، يعيش بين الماء والنار، بين الحلم واليقظة، بين العلو والهاوية.. لا هو منطقٌ فيُفهم، ولا جنونٌ فيُشفى منه.. هو درسٌ في الهشاشة، وتذكيرٌ أنّ قلوبنا قابلةٌ للاشتعال كلّما مرّ بها النسيم.. الحبّ يجعلنا بشرًا أكثر من أيّ شيء آخر، لأنه يُعيدنا إلى أصلنا الطفوليّ، إلى النقاء الذي كنّاه ق...

الثقافة الرياضية وتهذيب المزاج

>حين نفهم أن الرياضة ليست لهواً، بل لغة من لغات الوعي، سندرك أن الثقافة الرياضية هي ثقافة الحياة نفسها، لأنها تعلمنا كيف نتحرّك دون أن نتصادم، وكيف نتنافس دون أن نتحاسد، وكيف نحيا بروح كبيرة ترى في الملعب صورة مصغّرة للعالم الذي نريد أن نعيش فيه.. ليست الرياضة مجرّد عرقٍ يتصبّب في الميادين، ولا صخبَ ...

التوظيف بين الخبرة والشهادة

>جدارة الموظف لا يثبتها التنظير ولا كثرة الشهادات، بل يبرهنها الميدان، وتقيّمها مصداقية الإشراف، وتقومها مثالية المحاسبة، وتغذيها ديناميكية التطوير والإنتاج.. فالمؤسسة التي تنظر إلى السيرة الذاتية أكثر من نظرتها إلى الأثر الفعلي، تضلّ بوصلتها، لأن قيمة الإنسان في العمل لا في الورق.. في عالمٍ يُفترض ...

هدايا بلا قيمة

>الفلسفة الغائبة عن مفهوم الهدية هي أننا نظنها للتعبير، بينما هي في حقيقتها وسيلة للفهم، فحين نهدي نُعلن عن مستوى وعينا بالآخر، عن قدرتنا على قراءة احتياجه، عن عمق علاقتنا بالحياة ذاتها، فالهدية ليست تبادلاً للأشياء؛ بل اختبار لذوقنا ولصدقنا ولمدى تحررنا من وهم التكرار، إنها مرآة صغيرة تكشف مقدار الوعي في ...

مشاهير التواصل والسقوط سهوًا

>المشهور عليه أن يعي بواطن الأمور قبل أن يقترب من ظاهرها، وأن يدرك أن الكلمة في الفضاء العام سلاحٌ يقطع أكثر مما يُصلح، وأن الجمهور قد يغفر السهو لكنه لا ينسى الغرور، فكلما ازداد عدد المتابعين ازدادت المسؤولية لا مساحة العبث، وأن الصمت أحيانًا أكثر حكمة من الكلام لأن من يتكلم في غير مجاله يعرّض نفسه للانكش...

الإعلام الذكائي

>الإعلام الذكائي وإن تذاكى عمليًا وانبهرنا بأدواته فهو في حقيقته العميقة مملوء بالهفوات القاتلة، والغباء المتراكم ويجب ألا يكون استبدالًا لعقل الصحفي، بل يفترض أن يصبح امتحانًا لقدرته على جعل الأدوات خادمةً لمهنيته، ومجسدةً للحقيقة لا متسيدة عليها.. قد يتبدّل وجه المهنة أمام أعيننا، لا لأننا نضيف جهاز...

لصوص صامتة!

>الحياة ليست ساحة مكتظة بالممتلكات والناس والعادات، بل مسار نحتاج أن نعرف فيه متى نضع، ومتى نرفع، متى نضيف، ومتى نحذف، فمن امتلأت يده بكل شيء ضاعت منه القدرة على الإمساك بما هو جوهري، ومن عرف أن النقص ليس عيبًا بل حكمة أدرك أن الحذف ليس خسارة بل ربح مضاعف.. الحياة الهادئة ليست هبة مجانية ولا وعدًا م...

دلالات التوازن العقاري ومسؤولية المواطن

>إن المواطن عليه مسؤولية كبيرة، ويتوجب أن يكون في دائرة الوعي عندما يتفهم حاجته الحقيقية للسكن من خلال هذه المكرمة الكبيرة، وأن يتفاعل معها بحس وطني يجعله يتخلص من مصلحته الخاصة لأجل المصلحة العامة، فلا يقدم على هذا الأمر إلا إن كان محتاجًا مستحقًا لا مستثمرًا.. حين أعلنت الجهات المختصة عن شروط التقديم...

حراسة المعنى

>القرآن حلٌّ دائم؛ لكننا المشكلة المؤقتة التي لا تريد أن تنقضي؛ نقرأ ولا نسمع، نحفظ ولا نعمل، ثم نبحث عن عزاءٍ في تبريرٍ جديد.. لو كان لقلوبنا ظلٌّ يراه الآخرون.. كم سننكشف؟! ومع ذلك، ما العيب في انكشافٍ يفضح القبح لنتطهّر؟ الحقيقة هي الشيء الوحيد الذي يجب أن يتعرّى أمامنا؛ أمّا نحن فسترنا في صدقنا معها.. ...

صياغة علاقتنا بالطاقة

>جائزة كفاءة الطاقة تمثل نقلة نوعية في ترسيخ ثقافة الاستدامة، فهي ليست تكريمًا شكليًا بل منصة لإعادة صياغة علاقتنا بالطاقة كقيمة حضارية واقتصادية.. الجائزة تدفع الأفراد والمؤسسات لتبني أعلى المعايير المحلية والعالمية، وتشجع على تحويل الذكاء الطاقي إلى أسلوب حياة.. في عالمٍ يتسارع نحو استهلاك غير مسبو...

التباس..

>إن الكبد الذي نلاقيه في دروب الحياة ليس دليل هزيمة، بل شهادة على أننا ما زلنا نكافح.. هو البرهان أن الروح لم تخمد، وأن القلب لا يزال حيًا.. فكلما صبرنا وحلمنا وتمسكنا بالصدق والإيمان، فإننا نثبت أننا ماضون إلى الأمام، وما دامت قلوبنا تنبض بذكر الله، وما دام فينا يقين، فلن تطفئنا العواصف.. في مسيرة الحي...

بين ثقل الحياة وسمو الغاية

>قيمة الإنسان لا تحتاج إلى إثبات دائم ولا إلى مناشدة مستمرة، من يعرف حقيقتك سيقدرك دون أن تشرح، ومن لا يعرفها فلن يقنعه ألف تبرير. لذا فإن استنزاف طاقتك في إثبات ذاتك أمام كل عين عابرة، هو خيانة لجوهر وجودك. العظمة الحقيقية أن تعرف من أنت عند الله، لا ما يراه الناس عنك.. في خضمّ صخب الحياة، تتوالى علينا...

الجامعات والتوازن المكاني في الرياض

>إعادة توزيع الجامعات في مدينة كبرى مثل الرياض لم تعد فكرة تنظيرية، بل هي خطوة استراتيجية تحتاج إلى تخطيط طويل الأمد وإرادة تنفيذية. فبناء مدينة متوازنة يتطلب الاعتدال المكاني وتوزيع الخدمات، وعلى رأسها التعليم، حيث إن تهيئة بيئة تعليمية مريحة، قريبة، وفعالة، ستنعكس ليس على أداء الطلبة والأساتذة فقط، بل عل...

الصمت المتكلم

>ليس الصمت فراغًا، بل امتلاء، كأن الكون كله ينحني ليستمع له، حين يتحدث دون أن يُسمَع. وفي زمن التهافت على الظهور، يصبح الانسحاب فنًا، وفي زمن الثرثرة، يصبح التروّي بطولة. الصمت يذوب في الحكمة، ويلتحف الوعي، فلا يطلب التصفيق، ولا يسعى للفت الأنظار، إنه ببساطة حالة من الاكتفاء، حالة من النباهة العميقة ...

التخصيص القطاعي.. مستقبل استثماري للأندية الرياضية

>مع تسارع وتيرة التطوير في القطاع الرياضي السعودي، وتنامي الطموحات نحو بناء بيئة احترافية أكثر فاعلية واستدامة، تتجه الأنظار إلى ابتكار حلول تشغيلية تتجاوز الأساليب التقليدية في إدارة الأندية، ويأتي ذلك انسجامًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 في تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستثمار الرياضي كمصدر دخل واعد.. ...

القمامة الإعلامية وتسميم وعي الجمهور

>حماية وعي المستخدم البسيط ليست مهمة معقدة، بل تبدأ بخطوات صغيرة من الانتباه والتمهل في الاستهلاك والمشاركة، كلما زاد وعي الفرد، زادت مقاومته للقمامة الإعلامية، وأصبح جزءًا من مجتمع إعلامي وتواصلي أفضل في واقع إعلامي واتصالي وتواصلي متسارع وكثيف بالمحتوى المتنوع، والمعلومات الغزيرة، وتدفق الأخبار عب...

السرديات الموجهة ضد المملكة: الفبركة في عصر التشويش

>السرديات المضادة ليست مجرد هجوم على وطن، بل اختبار لمدى وعينا واستعدادنا للمشاركة الواعية في الفضاء الرقمي. ولذلك، فإن معركتنا ضد التضليل والفبركة والتلبيس ليست أمنية أو تقنية فقط، بل ثقافية ومعرفية وإعلامية في جوهرها. نكسبها حين نُدرك أن حماية الوطن تبدأ من العقل، وتمتد إلى الكلمة، وتنعكس في السلوك الرقم...

الوظيفة النقدية للإعلام من النخبة إلى جمهور التواصل

>ما نحتاجه اليوم هو تربية نقدية رقمية، تُعلّم الجمهور كيف يمارس دوره الرقابي والنقدي بوعي، وكيف يساهم في إنتاج خطاب مسؤول، لا مجرد تفاعل لحظي. نحتاج إلى أن نُرسخ في الأذهان أن النقد ليس معاداة، ولا إقصاء، ولا تهشيم، بل هو فعل بناء، وضرورة معرفية، وشرط أساسي لتقدم أي مجتمع.. في عالم يتغير بوتيرة متسارع...

مساءات الرفقة في بودكاست «ذاكرة»

>بودكاست «ذاكرة» ليس استرجاعاً للماضي من أجل الترف العاطفي، بل هو تمرين حقيقي على أن التذكّر فعل مقاومة للنسيان، وبحث دائم عن المعنى، وإيمان بأن الإنسان لا يُفهم خارج ذاكرته. إنه بودكاست لا يروي لنا التاريخ، بل يجعلنا نعيشه، ونفهمه، ونتصالح معه.. في وقت تعج فيه المنصات بأصوات تتشابه، وتميل نحو الإيق...

الحدث السياسي وفوضى تلقي الأخبار

>التعامل مع أخبار السياسة والصراعات والحروب يتطلب ما يمكن تسميته بـ«أدبيات التلقي»، وهي مجموعة من السلوكيات الذهنية والمعرفية التي ينبغي أن يتحلى بها أي متابع يسعى إلى فهم ما يجري بعمق، لا مجرد التفاعل العاطفي.. في وقت تحوّلت فيه المنصات الإعلامية والتواصلية إلى نوافذ يومية على المآسي العالمية، وتحوّل ا...

عقاراتنا وثقافة «افرق السوم»

>لو عدنا للأصل لوجدنا أن العقار منتج عيني يرتبط بالحاجة لا بالعرض الافتراضي، ومن ثم فإن حقيقة المشكلة اليوم تكمن في غياب التوازن بين عرض حقيقي مقنع وطلب جاد ينتظر الفرصة. هناك كثير من العقارات المعروضة، لكن القليل منها يتصف بالجدية، سواء من حيث السعر، أو الموقع، أو اكتمال الخدمات، أو سلامة الصك، أو الاستعد...

نبض متسارع وبطء زمن

>أخاف من هذه الأماكن أحيانًا، ليس لأنها موحشة، بل لأنها تضع مرآة مختلفة أمامي، مرآة لا تعكس وجهي بل تعكس قلبي… تفضح حزني الصامت، وتنبش في داخلي أشياء كنت أظنّ أنني تجاوزتها، لكنها -في الوقت نفسه- تمنحني هدوءًا لا يشبه أي شيء آخر، كأنني التقطت شتاتي من ركن منسي.. بين الدرب المنحوت ونبضي المتسارع باتجاه ذ...

نفايات عاطفية..!

>أحط نفسك بالطيبين، وكن سندًا للمتعب لكن دون أن تنهار. أعن الآخرين، وادعهم للخير، قدّم التعاطف، لكن لا تتحول إلى حاوية للنفايات العاطفية. ولا مانع أن تصبر بلين، أو تعتذر عن لقاء، أن تصمت، أن تختصر التواصل، لكن لا تسمح لأنفس ملوّثة أن تسرق منك إيجابيتك وسكينتك.. الحقيقة أننا مركّبون من مجموعة عقد تقودن...

الحج قيمة وسيادة

>تُدرك المملكة أن خدمة الحرمين شرف لا يُقارن، وتتعامل مع ضيوف الرحمن على أنهم أمانة في أعناقها، وقد سخّرت لذلك عشرات الآلاف من الرجال والنساء من مختلف القطاعات، ووفرت كل الإمكانيات، لا طلبًا للثناء، بل قيامًا بالواجب. وتبقى المملكة العربية السعودية حصنًا للحرمين الشريفين، وعنوانًا للتنظيم والإنجاز في إدارة...

العرب بين الأنا والآخر

>«الأنا» العربية يجب أن تكون فاعلة لا مفعولًا بها، ومبادِرة بالخير والإصلاح ونقاء النيات لا شائبة ومتلقية، ويمكن أن نعيد صياغة علاقة متوازنة مع «الآخر»، علاقة تقوم على الاحترام والتبادل ووعي ببواطن الأمور والبحث عن الحق في مكانه لا على الحسد والغل، أو تسجيل المواقف السلبية وصناعة الصور النمطية وتراشق خطابا...

المملكة بين الهند وباكستان.. الدور المحوري والثقة المتجذرة

>ما يميز التحرك السعودي لحل الأزمة أنه لم يكن مجرد تحرك بروتوكولي، بل جاء ضمن إطار دبلوماسي نشط تُوّج بنتائج ملموسة، فالرياض اليوم تمتلك أدوات التأثير الفاعل في القضايا الدولية الحساسة، ليس فقط من خلال اعتباراتها ومكانتها السياسية والاقتصادية، بل نتيجة رؤية متزنة تسعى لترسيخ الأمن والاستقرار في محيطها، تعز...

مؤتمر الاتصال الرقمي: القيمة والتفاعل

>اليوم تتجسد الريادة في المملكة العربية السعودية باحتضان مثل تلك المؤتمرات العلمية وجمع شمل المهتمين والخبراء الذين قدموا محاضرات رائعة ومفيدة، وأثروا النقاشات والمناقشات في الجلسات المختلفة.. بمبادرة من كلية الاتصال والإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز، انطلق مؤتمر الاتصال الرقمي بوصفه منصة علمية ومرجع...

خيارات مزيفة

>تريد أن تعرف عقلك عليك أن تعرف قلبك.. وتفهم نفسك.. وتدرك وعيك قبل السقوط في ساحة التمرد.. وعليك أن تعلم كيف تزن فكرتك وتعيدها إلى معيار المرجعية الصحيحة، وتنتقدها بأدوات رصينة لتصل إلى حالة التحرر من جهل ذاتك، وغياب فكرك.. هل نتأثر ونشكّل اتجاهاتنا وخياراتنا.. نعم هناك مؤثرات شديدة تعمل على صبغ الوع...

تضاريس الراحة

>كثير من الأمان امتزج بوصايا أبي، واختلط بتعليماته التي كنت أحسبها غلظة، فاكتشفت حينها أن الحب يكمن في وصايا الاهتمام، وأن الإهمال نصف الكره، وكثير من الاطمئنان داخلي كان يلبسني حين أسمع اسمي يرنو من فيه أمي، فأدرك أن الكون يلفني بطهرها، والدنيا تزرعني في أنسها.. الشعور بالزمن يوخز الذاكرة هو نوع من ...